سحر المقاهي
أما سهرات المقاهي في القاهرة فلها شكل مختلف ومذاق خاص، فهي عالم فريد متشابك له سماته الخاصة، وفي شهر رمضان تأخذ هذه المقاهي زينتها وزخرفها بشكل له سحر خاص، وظهور المقاهي القاهرية لم يحدد تاريخه ولكن الذي لا شك فيه أن المقاهي كانت جزءاً من الحياة القاهرية منذ أن اتسعت القاهرة، ولم تعد الحياة قاصرة فيها على الخلفاء الفاطميين، فالمقاهى في مصر بصفة عامة لها حكاية في التاريخ فالقهوة التي استمد منه المكان اسمه لم تدخل مصر إلا في القرن السادس عشر، وقيل إن أول من اهتدى إليها هو (أبو بكر بن عبد الله) المعروف ب(العيدروس) وللمقاهي في القاهرة تاريخ جميل، وسبب شهرة المقاهي أنها كانت للترفيه عند أولاد البلد وخاصة في شهر رمضان وأن أجهزة الراديو لم تكن منتشرة كما هو الحال اليوم، ولم يكن هناك بالطبع تليفزيون، ومن هنا تولي أصحاب هذه المقاهي الشعبية مسئولية تقديم المادة الترفيهية لهؤلاء الناس الشعبيين الطيبين، كانت وسيلة أصحاب المقاهي في تقديم هذه المادة هي الشاعر الشعبي بالربابة والمنشد البلدي الذي يشدو بالم
يل بكل أنواعها والشاعر الشعبي الذي كاد يختفي من حياتنا اليوم كان له وجوده المكثف في تلك الأيام التي تحكي من خلالها قصص التاريخ البطولي للعرب ورموزهم الشهيرة.
ورغم ظهور الفضائيات بسحرها، فما زالت المقاهي تعج بروادها طوال شهر رمضان، ومن يشاهد ازدحام هذه المقاهي في ليالي رمضان يظن ألا يوجد أحد في مسكنه، ولكن الحقيقة أن البيوت عامرة، والمقاهي تعج والخيام الرمضانية مزدحمة، والشوارع تموج بالبشر، في حركة دائبة وغير عادية احتفالاً وبهجة بالشهر الفضيل.
رمضان في لبنان
أول إطلالة لرمضان تعرف من أصوات مدافعه الثلاثة التي تطلقها الدولة وحينها يدرك المواطنون أن شهراً من نوع آخر يطل عليهم، شهر رمضان غير أن هذه العادة قد انقرضت في بعض المدن وخصوصاً في بيروت العاصمة أثناء الحرب الأليمة التي مرت على لبنان لكنها لم تغب عن المدن الأخرى كمدينة طرابلس، وهذا العام عاد البيروتيون ليسمعوا صوت المدفع من جديد بعدما طلبت دار الفتوى من قيادة الجيش إعادة إحياء هذه العادة.
ومدفع رمضان تقليد ابتدعه العثمانيون وعمموه في عدد من المدن والأمصار الإسلامية ويطلق عند غروب كل يوم في شهر رمضان إيذاناً بالأفطار أو بالأمساك.
السحور.. والأسرة
ينام المؤمنون في رمضان ويترقبون قدوم (المسحراتي) الذي يخترق بالمطرق الخيزراني سكون الليل يقرع به طبلته لإيقاظ النيام استعداداً لبدء يوم صومهم.
والمسحراتي هو أحد الرموز المحببة لنفوس المؤمنين ورغم أن صورته قد خفتت وتضاءل دوره في هذه الأيام إلا أن له رونقه المحبب
ً في الأحياء الشعبية وبصوته الشجي منشداً أبياتا من الشعر الديني مثل: (يا نايم وحد الدايم يا نايم وحد الله) و(قوموا على سحوركم جاي رمضان يزوركم).
تكون العائلة اللبنانية في شهر رمضان على غير عادتها وبشكل لم تعهده من قبل، إذ إن الأسرة تجتمع بأسرها إلى مائدتي الإفطار والسحور، وهي كانت قلما تلتقي نظراً لتضارب مواعيد أفراد العائلة ومزاجهم وأوقات تناول طعامهم بسبب ظروف أعمالهم وانشغالاتهم اليومية.